responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 215
الْمُوَكَّلِينَ بِأَصْحَابِ الْأَعْرَافِ، فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَحْلِفُونَ أَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْرَافِ يَدْخُلُونَ مَعَهُمُ النَّارَ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ لِأَصْحَابِ الْأَعْرَافِ:" ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ"

[سورة الأعراف (7): آية 50]
وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (50)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَنادى) قِيلَ: إِذَا صَارَ أَهْلُ الْأَعْرَافِ إِلَى الْجَنَّةِ طَمِعَ أَهْلُ النَّارِ فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا إِنَّ لَنَا قَرَابَاتٍ فِي الْجَنَّةِ فَأْذَنْ لَنَا حَتَّى نَرَاهُمْ وَنُكَلِّمَهُمْ. وَأَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَعْرِفُونَهُمْ لسواد وجوههم. فيقولون: (أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) فَبَيَّنَ أَنَّ ابْنَ آدَمَ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَإِنْ كَانَ فِي الْعَذَابِ. (قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) يَعْنِي طَعَامَ الْجَنَّةِ وَشَرَابَهَا. وَالْإِفَاضَةُ التَّوْسِعَةُ، يُقَالُ: أَفَاضَ عَلَيْهِ نِعَمَهُ. الثَّانِيَةُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَقْيَ الْمَاءِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ. وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الْمَاءُ، أَلَمْ تَرَوْا إِلَى أَهْلِ النَّارِ حِينَ اسْتَغَاثُوا بِأَهْلِ الْجَنَّةِ" أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ". وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ سَعْدًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ [1] أَعْجَبُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: (الْمَاءُ). وَفِي رِوَايَةٍ: فَحَفَرَ بِئْرًا فَقَالَ: (هَذِهِ لِأُمِّ سَعْدٍ). وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ كَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ، أَفَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ وَعَلَيْكَ بِالْمَاءِ). وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَنْ يَسْقِيَ عَنْهَا الْمَاءَ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ سَقْيَ الْمَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ: مَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ فَعَلَيْهِ بِسَقْيِ الْمَاءِ. وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَ الَّذِي سَقَى الْكَلْبَ، فَكَيْفَ بِمَنْ سَقَى رَجُلًا مُؤْمِنًا مُوَحِّدًا وَأَحْيَاهُ. روى

[1] في ك: أي الأعمال.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 215
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست